رئيسة الوزراء الإيطالية تحل بالجزائر لوضع معالم الشراكة الإستراتيجية

ملفات الطاقة، الهجرة، تصنيع السيارات و”الشراكة مع أفريقيا” في أجندة ميلوني

إبتسام بلبل

تحل رئيسة الوزراء الايطالية، جورجيا ميلوني، اليوم بالجزائر في زيارة رسمية تدون يومين، وذلك ضمن جولة تقودها كذلك إلى ليبيا، من أجل لقاء عدد من المسؤولين لبحث قضايا ذات الاهتمام المشترك أبرزها ملفات الطاقة، الهجرة غير الشرعية، صناعة السيارات والشراكة مع أفريقيا.

وتعتبر زيارة ميلوني، للجزائر مناسبة لبحث آفاق تعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة بين الجزائر وإيطاليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، خاصة ما تعلق بالحاجة المتزايدة لإيطاليا للغاز الجزائري بهدف تعويض حصة الغاز الروسي، لا سيما وأن الجزائر باتت منذ “الحرب في أوكرانيا ” المورد الأول لإيطاليا بالغاز، إضافة إلى تبادل الرؤى حول القضايا الإقليمية بالمنطقة والساحة الإفريقية والعربية والعالمية، فضلا عن تسريع العمل بشأن ملف الهجرة غير الشرعية في ضوء مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل الذي سيعقد يومي 09 و 10 فيفري المقبل.

وترى ايطاليا في الجزائر شريكا مهما، ضمن خطة أعلنت عنها ميلوني خلال خطاب تنصيبها في مجلس النواب نهاية أكتوبر 2022 والذي أكدت فيه أن إيطاليا يجب أن تروج لخطة “ماتي” لأفريقيا، وأوضحت أنها فاصل للتعاون والنمو بين الاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية.

وشددت على ضرورة ربط علاقات قوية مع القارة السمراء، تقوم على التعاون والشراكة بدل نهب الثروات، وهو ما اُعتبر حينها كلاما مباشرا لفرنسا التي تملك مصالح كبيرة في مستعمراتها الأفريقية.

كما كان لها تصريحات سابقة قبل تغول اليمين المتطرف بإيطاليا والذي تقوده ميلوني، اتهمت فيها الفرنسيين باستغلال الموارد الطبيعية والمواد الخام في أفريقيا بشكل غير عادل بحق الدول الأفريقية، مما أسهم في دفع الهجرة باتجاه أوروبا.

وترى رئيسة الوزراء الإيطالية أن الحل الوحيد لوقف تدفق المهاجرين من أفريقا باتجاه القارة العجوز تحريرها من بعض الأوروبيين وليس نقل الأفارقة إلى أوروبا.

الغاز والطاقة

في ظل تنافس عدة دول أوروبية على التزود بالغاز الجزائري، ستسعى وزير الخارجية الايطالية خلال زيارتها لبحث ضمان زيادة تدفق الغاز بالكميات المتفق عليها والمقدرة بـ 15 مليار متر مكعب سنويا خلال العام الجاري، كما حصلت على موافقة مبدئية بزيادة الكمية إلى 18 مليار متر مكعب في 2024، وهو ما قد يسهم في تعزيز أمن الطاقة في إيطاليا خلال عامين على الأقل، ومقابل ذلك تطمح الجزائر إلى رفع صادراتها من الغاز نحو أوروبا، وهو ما ترجمه تصريح سابق لوزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب دعا فيه إلى تعزيز العلاقة الإستراتيجية بين شركة “سوناطراك” والمجمع الإيطالي “إيني” لا سيما من خلال استغلال فرص سوق الغاز الدولية للاسهام في دعم الاستثمارات الوطنية بمجال التنقيب وإنتاج الغاز وتصديره، ومن جهتها كشفت “إيني” الإيطالية عزمها رفع قيمة استثماراتها في مجال الطاقة بالجزائر خلال 2023 و 2024 وذلك في إطار تعزيز التعاون بين البلدين في مشروعات النفط والغاز، كون أن الجزائر بلد رئيسي لإيطاليا وأوروبا ككل.

كما ينتظر أن يتم بحث إعادة إحياء مشروع أنبوب “غالسي” الذي يربط الجزائر بجزيرة سردينيا الإيطالية والذي توقف تنفيذه قبل 10 سنوات، بقرارات من الحزب الديمقراطي اليساري الإيطالي آنذاك، وتراوح قدرة الأنبوب ما بين 8 إلى 10 مليارات متر مكعب سنويا، ومن الممكن أيضا استغلاله في تصدير الهيدروجين الأخضر، وهو ما أكده وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، في تصريح سابق، يتعلق بالعمل على إعادة النظر في إعادة إطلاق دراسة جديدة تتعلق بإنشاء خط أنابيب سردينيا “غالسي” بمواصفات ومعايير فنية يمكنها التكيف مع عمليات تصدير الهيدروجين والأمونيا الخضراء مستقبلا نحو أوروبا، وشدد عرقاب خلال فعالات يوم الطاقة الجزائري الألماني على أن استعمال الخط سيكون مبدئيا لتصدير كميات إضافية من الغاز إلى أوروبا في انتظار تأسيس وإنشاء سوق حقيقية وتنافسية، وإلى جانب ذلك، يرتقب طرح الجزائر على ايطاليا تصدير الكهرباء عبر إنشاء كابل بحري بين البلدين، خاصة وان الجزائر تملك فائض لا يقل عن 8 آلاف ميغاواط.

تصنيع السيارات

يمثل ملف تصنيع السيارات الإيطالية بالجزائر إحدى الرهانات الحقيقة لزيارة ميلوني لتنويع الشراكة بين البلدين خارج قطاع المحروقات، وسبق وأن وقع الجزائر ومجموعة “فيات” في أكتوبر الماضي اتفاقا لإقامة مشروع لتصنيع السيارات في بوهران وذلك لإنجاز أول مصنع متكامل والذي من شانه منح حصة هامة من السوق الوطنية للشركة الايطالية في ظل تقليص الواردات من السيارات منذ أكثر من 3 سنوات وهو ما خلق طلبا فاق العرض وأدى إلى تضخم الأسعار، كما سيعزز هذا الملف دخول شركات إيطالية أخرى مختصة في صناعة قطع غيار السيارات في إطار المناولة.

وتباحث وزير الصناعة أحمد زغدار، الأسبوع الماضي، خلال استقباله بمقر الوزارة، الرئيس المدير العام لمجمع “أدلر” الإيطالي، “باولو “، مرفوقا بخبراء من المجمع، الذي يمتلك 100 شركة عبر 34 دولة في العالم، فرص الاستثمار والشراكة في العديد من المجالات منها الصناعية، الفلاحية، الطاقوية والميكانيكية، خاصة في قطع غيار الميكانيك لمختلف أنواع السيارات، وأبرز زغدار ما جاء في المنظومة الجديدة للاستثمار من تسهيلات ومزايا للمستثمرين المحليين والأجانب وكذا الإمكانيات والمؤهلات الطبيعية، الجغرافية، الاقتصادية والبشرية الضخمة التي تزخر بها الجزائر والتي تمكنها من استقطاب أكبر المشاريع لتلبية احتياجات السوق المحلية والتوجه نحو التصدير للأسواق العربية والإفريقية، كما أبرز رغبة الجزائر في إقامة شراكات مع الإيطاليين في عديد المجالات الصناعية، الفلاحية، الطاقوية، مشيرا بالنسبة للقطاع الصناعي، إلى الصناعات الغذائية، النسيجية والميكانيكية، التي تشكل فرصا للشراكة المثمرة للجانبين رابح-رابح ، ومن جانبه، أبدى الرئيس المدير العام لمجمع “أدلر” الإيطالي، رغبة المجمع في تجسيد مشاريع كبيرة في الجزائر ببعدها الأفريقي، مشيرا إلى أن زيارته إلى الجزائر لتحديد المشروع أو المشاريع التي يمكن أن تكون محل شراكة مربحة للجانبين الجزائري والإيطالي، كمرحلة أولى في قطاع غيار الميكانيك لمختلف أنواع السيارات، وبمرافقة تكنولوجية إلى جانب صناعة النسيج.


الجزائر بوابة نحو أفريقيا

تهتم الجزائر بتجربة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الإيطالية التي تشكل أكثر من 90 بالمائة من نسيجها الإنتاجي خاصة في الصناعة الزراعية، الصيد وتربية المائيات والصيدلة والطاقة المتجددة، وتسعى للاستفادة من تجربتها لتشجيع حاملي المشاريع والشباب للانخراط في إنشاء شركات ناشئة لامتصاص البطالة ورفع النمو وتطوير الاقتصاد خاصة وأن قيمة تكلفة الطاقة في الجزائر يقلص التكلفة ويزيد في الأرباح، ومن جهتها تسعى ايطاليا مؤخرا على تشجيع شركاتها للاستثمار بالجزائر كمرحلة أولى قبل الانطلاق نحو الأسواق الأفريقية لتخوض منتجاتها المنافسة في هذه السوق الواعدة، وهو ما أكده تصريح السفير الإيطالي في الجزائر، جيوفاني بولييزي، بأن الجزائر يمكن أن تمثل للشركات الإيطالية بوابة أمام الأسواق الأفريقية التي تتميز بسرعة النمو.

التنسيق في الملف الليبي

ستحمل أيضا زيارة رئيس الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في جعبتها الملف الليبي، خاصة وان وجهتا النظر الجزائرية والايطالية تتقاربا في رغبتهما في استقرار ليبيا عبر إجراء انتخابات تنهي أزمة الشرعية والانقسام، كما تدعمان حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حيث سبق لميلوني ردا على تهنئة هذا الأخير لها بعد تنصيبها رئيسة للوزراء، أن أعربت عن تطلعها إلى العمل معه وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة.

 

مقالات ذات صلة

بعث وحدة صنع التجهيزات الطبية ” إيني” بالجلفة بشراكة أجنبية

sarih_auteur

تحقيق وطني حول التوتر وضغط العمل

sarih_auteur

وزير الري طه دربال يحل بسكيكدة

sarih_auteur