مديريتا التجارة والصيد البحري تفشل في ضبط سوق السردين 

لمين موساوي

لا تزال أسواق ولاية عنابة بعيدة عن التغيير الحاصل في أسعار سمك السردين بعدد من الولايات الشرقية، والتي عرفت انخفاضا قياسيا فاق الـ70 بالمئة من الأسعار التي كانت محددة في السنوات الفارطة.

فالأسعار ولحد كتابة هذه الأسعار تصل إلى حدود 700 دج رغم كل العوامل التي شهدتها الموانئ على مستوى الولايات الساحلية، فيما يتعلق بوفرة الإنتاج والحركية التجارية الكبيرة التي يعرفها هذا النوع من السمك، ناهيك عن كثرة الطلب والذي تلقائيا  ينجر عنه انخفاض في الأسعار كما هو معمول بالآليات الاقتصادية وطبيعة السوق.

السردين بلغ أسعارا خيالية بداية السنة

شهدت مع بداية السنة أسعار الأسماك ارتفاعا غير مسبوق في الأسواق بعنابة، أين أكد الباعة في السوق الجواري المغطى للخضر والفواكه بالمدينة، أن كثرة الطلب وانخفاض العرض هو السبب الرئيسي وراء الارتفاع القياسي في الأسعار التي عرفت تزايد كبيرا في الفترة الأخيرة، نظرا للعائدات الضعيفة -حسبهم- بسبب الاضطرابات الجوية وتساقط الأمطار التي أدت إلى تراجع معدلات الصيد، نتيجة عزوف العديد من الصيادين عن الإبحار في مثل تلك الظروف، إضافة إلى الاستغلال والمنافسة من قبل التجار على أسعار الأسماك بكافة أنواعها، أين يقدم العديد منهم للسعي وراء احتكار الأسعار.

وكانت “الصريح” قد تجولت حينها في “مرشي الحوت” أين أكد عدد من الباعة، أن التهاب الأسعار أدى إلى تراجع استهلاكه، خاصة وأن أقل الأصناف كالسردين عرفت ارتفاعا رهيبا، أين وصل سعر الكيلوغرام الواحد آنذاك إلى 2000 دج، بعدما لم يكن يتخطى عتبة الـ500 د ج سابقا، وهو ما أدى إلى حرمان العديد من العائلات ذات الدخل المحدود والمتوسط من استهلاك الأسماك لتلبية احتياجاتها الغذائية منه، أما باقي الأصناف الأخرى من الأسماك مثل الجمبري والكلامار وغيرها من الأنواع فقد أصبحت من الكماليات بالنسبة للبسطاء، لأن أسعارها جد مرتفعة، إذ تخطى سعر الجمبري سقف ال 4000 دج، رغم تواجد ولاية عنابة على الشريط الساحلي.

وأشار الباعة أن الضرر لم يمس المواطن فقط، بل أثر على أوضاعهم الحياتية والمعيشية التي ازدادت صعوبة نتيجة تردي الوضع الاقتصادي وعزوف المواطنين على استهلاك الأسماك، معربين عن الفوضى العارمة التي يتسبب فيها بعض الصيادين الذين يخرقون القوانين ويحققون الربح على حساب المواطنين من خلال بيع الأسماك بالأضعاف، مرجعين ذلك إلى غياب الرقابة وسوء التسيير من طرف إدارة الميناء التي لم تقم بكامل نشاطها حسبهم.

بوقزاية: “90 % من منتوج السمك يسوق خارج الولاية !

كشف عز الدين بوقزاية مدير الصيد البحري وتربية المائيات لولاية عنابة أن المنتجات السمكية بولاية عنابة تسوق لولايات أخرى من 80 إلى 90 % منها، ما يعني أن الولاية تتحصل على أقل من ثلث ما يرسو بالموانئ من الثروة السمكية، وهو ما رجحه مدير القطاع إلى عزوف الموزعين والباعة بسبب نشاطاهم التجاري الضعيف حسبه، مقارنة بالولايات الأخرى، كما قال أن هذا الإشكال خارج سيطرة المديرية بسبب حرية العمليات التجارية بين المتعاملين.

كما أشار بوقزاية إلى وفرة إنتاج السمك والسردين بالأخص في الفترة الأخيرة بعد الراحة البيولوجية والتي يمنع فيها القانون عمليات الصيد.

من جهة أخرى، ارجع محدثنا أن عوامل كثيرة ساهمت في رسم انخفاض أسعار السردين،منها بالخصوص دخول السفن فترة الراحة البيولوجية وهو تقليد ساري المفعول بالميناء خاصة التي تساهم في إنعاش هذا المنتوج المائي بوفرة، مقارنة بالسنوات الماضية ولكن يقول نفس المتحدث أنه شهد دخول أسراب أسماك السردين بكثرة خاصة في الأشهر القليلة الماضية إلى المياه السطحية وهو الشيء المبشر الذي ينتظره الصيادون .

وعن أسباب اختلاف الأسعار من ولاية لأخرى، قال مدير القطاع بالولاية، أن الزبائن الفاعلين يأتون من ولايات أخرى باعتبار الولاية  بها موانئ متخصصة في صيد أسماك السردين مثلها مثل ولايات بومرداس وتيبازة، حيث تتوفر على عدد معتبر من سفن صيد السردين، وهو الأمر الذي يجعل العرض ضعيفا مقارنة بالكمية الوفيرة التي يتم صيدها، كما أن الصياد مجبر على بيع سلعته لأقرب متعامل بسبب حساسية المنتجات السمكية التي تتطلب عمليات تبريد وظروف معينة تكلف الباعة أو الصيادين مصاريف التخزين.

أما بخصوص السردين ذو الحجم الصغير الذي يتم ترويجه في الأسواق فقال عز الدين بوقزاية أن القانون يكفل ترويج  20 بالمئة من منتوج السردين ذي الحجم الصغير، كما أن مصالحه تسهر على مراقبة الموانئ والمنتجات قبل وصولها للمستهلك.

الأسعار تهوي باستثناء عنابة ! 

من جهة أخرى، تعرف أسعار السردين، في العديد من أسواق ولايات الشرق على غرار كل من ولايتي سكيكدة وجيجل منذ النصف الثاني من شهر أوت انخفاضا محسوسا، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى ما دون 200 و250 دج بنوعية جيدة، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ عدة سنوات بعد الارتفاع القياسي الذي شهدته المسمكات والأسواق سابقا.

وحسب المختصين، يعد هذا مؤشرا لإمكانية وصول سعر هذا النوع من السمك إلى مستويات في متناول  المواطنين، بعد أن استعصى عليهم شراءه في السنوات السابقة رغم أننا نتكلم عن المدن الساحلية التي من المفترض أن تكون نقطة مرجعية للأسعار المنخفضة.

وكانت أسعار السمك أو السردين قد شهدت ارتفاعا رهيبا مع مطلع هذه السنة، أين وصل سعر الكيلوغرام الواحد 1000 دج، مما أدى إلى عزوف العديد من المواطنين عن شرائه.

وفي السياق،  أرجع تجار السمك سبب هذا الانخفاض إلى الوفرة في الكمية التي قاربت 250 طنا خلال المدة الأخيرة بولاية سكيكدة فقط، مع الارتفاع في درجة الحرارة التي تجعل البائع مجبرا على بيع منتجاته لتفادي التلف، كما أن الأحوال الجوية المستقرة ساهمت في توفير السمك في أكبر السواحل المعروفة بصيد السمك خاصة في القل بولاية سكيكدة، وأنعش إقبال المواطنين على سوق السمك التجار، لتدني السعر مع الوفرة وحركية السوق، في سابقة هي الأولى من نوعها، كما هو الحال في ولاية جيجل، حيث يباع السردين بأنواعه من حيث الحجم في أسواق الجملة بميناءي بوالديس وزيامة منصورية، ما بين 100 و400 دج للكيلوغرام الواحد، وقد بيع السمك في أقصى درجات انخفاضه  بـ100 دج بعد أن دخل ما لا يقل عن 300 طن بمنتصف شهر أوت.

سردين ممنوع يباع جهارا نهارا بالأسواق

طفت على السطح في الآونة الأخيرة بأسواق ولاية عنابة ظاهرة بيع السردين ذو الحجم الصغير، حيث يعرض بعض الصيادين وباعة السمك مؤخرا، أنواعا من السمك مخالفة من حيث طولها، للقانون المحدد للأحجام التجارية، الخاصة بالموارد البيولوجية، إذ تعرض أنواع من السمك والسردين طولها ما بين 5 و6 سم فقط، وهي التجارة غير القانونية التي تتسبب حسب مختصين في إهدار الثروة السمكية مستقبلا، كما حذروا من هذه الظاهرة، مطالبين حراس الشواطئ، بتشديد الرقابة على الصيادين.

تجوّلت “الصريح” بين أسواق عاصمة الولاية مؤخرا، أين رصدت عدة باعة لمختلف أنواع السمك، يعرضون علنا وعلى حواف الطرق، موارد صيدية صغيرة جدا من حيث أحجامها، رغم أن القانون في مرسومه التنفيذي الصادر في 20 مارس 2000 يمنع هذا السلوك، حفاظا على الثروة السمكية بشواطئنا.

وفي السياق، يتجنب كثير من المواطنين، شراء هذه الأسماك الصغيرة لصعوبة تنظيفها، فيما يرى آخرون في أن الأسعار المنخفضة تستقطبهم، والتي لا تتعدى 300 دج بسبب أحجامها الصغيرة.

من جهة أخرى، مديرية الصيد البحري والمنتجات السمكية بولاية عنابة على علم بهذه التجاوزات، ولوضع حد لهذه الظاهرة نبهت قيادة الواجهة البحرية المسؤولة عن تأمين المياه الإقليمية الجزائرية وكذلك السيطرة على مختلف الوحدات، لمراقبة سفن الصيد في الإقليم وقوارب صيد السردين، وحسب مصادر “الصريح” فسيتم وضع لجان بيطرية تمثل الحلقة الأولى في سلسلة الرقابة الصحية على مستوى ميناء الصيد في عنابة.

من جهة أخرى، استنكر الصيادون المحترفون هذه التجاوزات الخطيرة التي تؤثر على الموارد السمكية والبيئة وينتهي بها الأمر إلى تقليل الموارد والأنواع البحرية في السنوات القادمة، حيث قال أحدهم لنا “لقد حان الوقت لتنظيم هذا القطاع من خلال التطبيق الصارم للتشريعات السارية تجاه المخالفين”.

 

مقالات ذات صلة

سكان الفوضوي بحي بوحمرة يطالبون بفتح تحقيق حول ملفاتهم الضائعة منذ سنوات

سارة معمري

مصلحة الاستعجالات الطبية بالعيادة متعددة الخدمات في سيدي عاشور تدخل حيز الخدمة

سارة معمري

عنابة.. تدشين المركز الصحي الجديد ببلدية الحجار

سارة معمري