ابتسام بلبل
باتت وضعية بعض السكنات الاجتماعية الموزعة منذ سنوات بعدة بلديات بعنابة تثير الكثير من الشكوك باعتبارها لم تستغل إطلاقا بل إن الكثير منها لا يُعرف أصحابها وهو الأمر الذي أثار بشأنه مواطنون تساؤلا حول مدى حاجة المستفيدين منها لسكن إذ تركت مغلقة، لقضاء العطل، أعيد تأجيرها أو حتى بيعها في وقت تصارع فيه آلاف العائلات جحيم أزمة السكن .
فعلى الرغم من الأزمة الخانقة للسكن على مستوى بلديات عنابة على غرار باقي ولايات الوطن وفي الوقت الذي تنتظر فيه آلاف العائلات التي أودعت ملفات للاستفادة من صيغة السكن العمومي الإيجاري إدراج أسمائها في قوائم “الكرامة ” يبقى الملف “الحارق” الذي يعتبر من أكثر الملفات تعقيدا وإثارة للرأي العام المحلي ويسيل الكثير من الحبر لاسيما بعدما أضحى بقاء “كوطات” مهمة عبر العديد من المناطق التي شهدت توزيع السكنات بالولاية مغلقة دون أن يتم التعرف على أصحابها أو حتى وضعيتها إن كانت شاغرة أو ملكية لأية جهة كانت.
وفي متابعة للملف رصدت “الصريح” مئات السكنات الاجتماعية التي تم بيعها أو تأجيرها بطرق ملتوية وأخرى مغلقة لسنوات، وحسب ما توضحه_ أيضا _ وثائق نحوز على نسخ منها ممثلة في فواتير ماء وكهرباء واعذارات إيجار موجهة لمستفيدين من “السوسيال” لسنة 2011 بحي 100 مسكن بسيدي عمار فإن عديد سكنات البيع بالإيجار مغلقة منذ ما يزيد عن العشر سنوات كما هو عليه الحال بكل من عنابة، البوني، سيدي سالم، بوخضرة3، بالرحال والكاليتوسة وهو ما يعد في القانون تلاعبا يعاقب عليه بصرامة كل متحايل بتجريده من مسكنه.
وفي سياق متصل، كشف المكلف بالإعلام في ديوان الترقية والتسيير العقاري بعنابة أن ديون إيجار “الأوبيجيي ” لدى المستفيدين الذين لم يسددوا إيجارات سكناتهم منذ سنوات تتجاوز 320 مليار سنتيم وهو الأمر الذي أثقل كاهل الديوان ولم تفلح عمليات التحسيس التوعوية في تقليص العملية، وعبر عن استغرابه من تهرب المستفيدين على الرغم من أن المبلغ الشهري زهيد جدا ويتراوح بين 2000 و 2500 دج ، موضحا في السياق ذاته إلى أن” أكثر من 60% من المستفيدين من السكنات الاجتماعية تهربوا من دفع مستحقاتهم الإيجارية ما يطرح عديد علامات الاستفهام عن السبب وراء ذلك رغم أن هذا المبلغ زهيد ويُدفع شهريا ولا يثقل كاهل المستفيدين إذا تمت مقارنته مع ما كلف خزينة الدولة لبناء هذه السكنات ، كما أشار إلى أن مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري بعنابة ستلجأ إلى الطرق الردعية والعدالة كآخر حل لهم لوضع حد لهذا التهرب.
وحسب معينات ميدانية للأقطاب السكنية الجيدة كذراع الريش والكاليتوسة قامت بها “الصريح” وما توضحه وثائق نحوزها فإن مئات السكنات بهذه المناطق مغلقة من سنوات توزيعها وحولت لمكان لقضاء العطلة فقط وتعود حسب ما كشفته تحرياتنا لغرباء ونافذين تحصلوا عليها بطرق ملتوية وأشخاص غير مؤهلين قانونيا استفادوا منها بتواطئ الإدارة بمخالفة للمعايير المعمول بها في انتقاء المرشحين للاستفادة .
ومن جهتهم، قال عدد من أصحاب ملفات السكن الاجتماعي الذين تواصلنا معهم أن وضعيتهم مقلقة جدا بالنظر لتأجيرهم لسكنات من صيغة العمومي الإيجاري بمبالغ مالية ليست في المتناول بل إن مالكيها لا ينحدرون من المنطقة واستفادتهم مشكوك فيها، وهي دعوات صريحة وجهها هؤلاء للجان الدوائر بمنحهم فرصة من الحصص السكنية التي ستبرمج للتوزيع مستقبلا واتخاذ قرارات شجاعة_ على حد قولهم_ والتنقيب في ملف السكنات المغلقة ببلديات سيدي عمار، الحجار، والمدينة الجديدة بن مصطفى بن عودة ببلدية واد العنب.
وفيما تبقى المئات من هذه السكنات الموجهة فقط للأشخاص الذين تمّ تصنيفهم حسب مداخيلهم ضمن الفئات الاجتماعية المعوزة والمحرومة التي لا تملك سكنا أو تقطن في سكنات غير لائقة و/أو لا تتوفر لأدنى شروط النظافة واستعماله لتلبية حاجيات محلية ناتجة عن ظروف استثنائية أو ذات منفعة عامة مؤكدة مغلقة وأخرى عمد المستفيدون منها إلى بيعها أو تأجيرها بطرق ملتوية يُنتظر تدخل الجهات الوصية لاسترجاع السكنات ووضعها تحت تصرف الوالي لإعادة توزيعها على مستحقيها ومعاقبة كل متحايل بتجريده من مسكنه وفتح تحقيقات أمنية لكشف التلاعبات وطرق التحايل والمتورطين في هذه التجاوزات ومحاسبة المسؤولين.