إبتسام بلبل
رفع اتحاد منظمات المحامين الجزائريين تحفظات مفصلة إلى وزير العدل، لطفي بوجمعة، حول مشروع قانون الإجراءات الجزائية الذي عرض الثلاثاء الماضي بالمجلس الشعبي الوطني، داعيا إلى إعادة النظر فيه.
وتساءل رئيس اتحاد المحامين الجزائريين، إبراهيم طايري، التي تظم أزيد من 60 ألف محامية ومحامي، حول توقيت عرض هذا القانون الحساس أثناء انتخابات تجديد هياكل منظمات المحامين.
وذكر في نص مراسلته أن” هيئة الدفاع عقدت 05 جلسات مع إطارات وزارة العدل، خلافا لما هو متداول وفقه، وتم الاتفاق أثناء هذه الاجتماعات على حذف بعض البنود و تعديل بنود أخرى، وتأسف عن عدم وجود أثرا لهذا الاتفاق في المشروع المقدم من طرف وزير العدل للمجلس الشعبي الوطني.
كما ذكر بأنه تم عقد اجتماع مع لجنة الشؤون القانونية في تشكيلتها السابقة بحضور إطارات وزارة العدل وتم إبلاغ اللجنة بالاتفاق الحاصل مع وزارة العدل حول بعض بنود هذا القانون، وقال إن “التشكيلة الجديدة للجنة الشؤون القانونية لم تأخذ بعين الاعتبار هذا الاتفاق الحاصل مع اللجنة السابقة و لم تعقد أي اجتماع مع الاتحاد “، وذكر أيضا بأن “قانون الإجراءات الجزائية هو دستور القضاء الجزائي وهو الذي يتضمن قواعد المحاكمة العادلة” ولفت إلى أن “المشروع يتضمن إخلالا خطيرا بحقوق المتقاضي وحقوق الدفاع باعتباره هيئة دستورية تشكل نصف المعادلة القضائية”.
ومن جملة الملاحظات التي رفعها اتحاد المحامين حول المشروع المقدم من طرف وزير العدل حافظ الأختام، انتقاده لنظام “المثول الفوري”، وقال إن “هذا النظام أثبتت التجربة عدم جدواه، لافتا إلى أن “عدد المحبوسين احتياطيا في هذا النظام ارتفع ارتفاعا ملموسا وقد تم الاتفاق على أنه في انتظار تأسيس قاضي الحريات يتعين الرجوع إلى إجراء التلبس” وقال طايري أنه ” لا يعقل بأن القاضي الذي يودع المتهم هو الذي يحاكمه”.
كما رفض نظام المدافع القضائي، وعلل إبراهيم طايري ذلك، بأن “هذا النظام الذي تم تأسيسه غداة الاستقلال كان بسبب نقص المحامين وأفاد “كيف يعقل تكفل أي مواطن بالدفاع عن مواطن آخر أمام القضاء الجزائي وهذا يحدث في ظل الاحترافية وتعقيدات الإجراءات القضائية التي لا يلم بها إلا محامي مختص في القانون”
بخصوص محكمة الجنايات، قال رئيس اتحاد المحامين الجزائريين أنه “تم الاتفاق على الإبقاء على عدد المحلفين الأربعة وهو النظام المعمول به منذ الاستقلال، مضيفا أنه ” تم الاتفاق في الاحتياط على أن محكمة الجنايات الابتدائية تتكون من 03 قضاة احترافيين وتتألف محكمة الجنايات الاستئنافية من 05 قضاة احترافيين “.
وأضاف إبراهيم طايري في نص مراسلته الموجهة إلى وزير العدل حافظ الأختام ورئيس المجلس الشعبي الوطني أنه “تم الاتفاق على تعديل المادة 08 مكرر و 8 مكرر 1 و المادة 20 و المادة 73 و 78 مكرر 1 و المادة 79 و المادة 65 و المادة 128 و المادة 133 و المادة 140 و المادة 161 و المادة 187 و المادة 205 و المادة 374 و 376 و 381 و 383 و غيرها من المواد والمحددة ضمن المراسلة المرفقة المبلغة لوزارة العدل”.
وأكد اتحاد المحامين رفض هيئة الدفاع رفضا مطلقا لهذا المشروع بصيغته الحالية، مطالبا بإعادة هذا المشروع إلى لجنة الشؤون القانونية وفتح حوار مع اتحاد المحامين من أجل التوافق حول بنود هذا المشروع.
وكان وزير العدل، حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، خلال عرضه على المجلس الشعبي الوطني الثلاثاء الماضي، لمشروع قانون الإجراءات الجزائية قاد قال أن هذا النص يتضمن أحكاما جديدة “تواكب التطورات التي يعرفها المجتمع وتوفر حماية الحقوق والحريات بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر”.
ولفت في إلى أنه يتضمن “تعديلات هامة” تندرج في إطار حماية المال العام والاقتصاد الوطني، تتمثل في إدراج “إجراءات بديلة للمتابعة الجزائية للأشخاص المعنوية، على غرار إرجاء المتابعة الجزائية في بعض الجنح المحددة على سبيل الحصر، مقابل إرجاع الأموال والممتلكات والعائدات المتصرف فيها أو المحولة خارج التراب الوطني أو ما يمثل قيمتها ودفع كامل المبالغ المستحقة للخزينة العمومية”.
كما تتضمن هذه التعديلات إنشاء وكالة وطنية تتكفل بتسيير الأموال المجمدة أو المحجوزة أو المصادرة لسد الفراغ المؤسساتي في مجال تسيير العائدات الإجرامية”، حيث يقترح المشروع أن “تشمل مهامها أيضا الأموال والممتلكات الموضوعة محل إجراءات تحفظية والقيام بعملية استرداد الأملاك والأموال المهربة خارج التراب الوطني”.
ومن بين الأحكام الجديدة المدرجة في مشروع القانون، “تعزيز الوساطة كآلية بديلة للمتابعة الجزائية” وكذا “الإبقاء على نظام المحلفين في الجنايات مع تخفيض العدد إلى اثنين بدلا من 4 بالنسبة لمحكمة الجنايات الابتدائية والاستئنافية”، فضلا عن “تعزيز صلاحيات النيابة العامة”.
وينقسم مشروع القانون المطروح للمناقشة أمام النواب إلى 5 محاور تخص حماية المسؤولين المحليين وتحسين إدارة القضايا الجزائية ورقمنة الإجراءات وتبسيطها، سيما من خلال إعادة النظر في نظام المثول الفوري المطبق منذ 2015 بغية “رفع الصعوبات التي تعترض تطبيقه في الميدان وحصره على القضايا الجزائية الجاهزة للفصل”.
كما ترمي الأحكام الجديدة المقترحة إلى “تحسين إدارة القضايا الجزائية وتعميم نظام الأمر الجزائي ليشمل جميع المخلفات، ما سيسمح بمعالجة القضايا البسيطة بطريقة فعالة وسريعة”، يضاف إلى ذلك “ضبط مسألة تسيير المحجوزات من خلال السماح بالتصرف فيها دون انتظار الحكم النهائي بهدف تجنب بقائها لمدة طويلة”.
وستسمح الأحكام الجديدة التي ينطوي عليها النص بـ “تعزيز حقوق الأفراد وحرياتهم، لا سيما من خلال تكريس حق التظلم أمام النائب العام وتعزيز حقوق الدفاع عبر كافة مراحل الدعوة العمومية، يتابع الوزير الذي أشار إلى أن الصيغة الجديدة لهذا القانون ستعرف “إعادة تنظيم الأقطاب القضائية الجزائية وضبط صلاحياتها”.