في إطار عقد شراكة بين المركز الوطني للبحث في علم الآثار بالجزائر وجامعة ترينتو الإيطالية
ق. ث
استؤنفت بولاية الطارف شهر جويلية الجاري أشغال مشروع إعداد الخارطة الأثرية للشرق الجزائري في إطار المشروع المشترك الجزائري الإيطالي بين المركز الوطني للبحث في علم الآثار بالجزائر وجامعة ترينتو الإيطالية، حيث كانت البداية بالأشغال الحفرية الأثرية بموقع كاب سقلاب ببلدية السوارخ الحدودية تليها الحفرية الأثرية بموقع قصر فاطمة ببلدية العيون الحدودية.
وأكد مدير الثقافة لولاية الطارف عادل صافي بأن استئناف هذه الأشغال التي توقفت لما يزيد عن 10 سنوات ستتواصل بإجراء عملية المسح والتوثيق الأثري بكل من بلديات السوارخ، بوثلجة، الدرعان، شيحاني، بوحجار، وادي الزيتون، الشط وبن مهيدي حيث تزخر هذه الأماكن بعديد المعالم الأثرية والمواقع التاريخية المكتشفة حديثا.
المشروع الذي عرف الانطلاقة الأولى في 2003 لم يستمر بسبب الكم الهائل من المواقع الأثرية المكتشفة بجميع مناطق ولاية الطارف من خلال الحركة التنموية في عدة قطاعات لا سيما إنجاز البنية التحتية كموقع غار الماعز الذي يعود تاريخه إلى 7000 سنة قبل الميلاد ببلدية الشافية والذي تم اكتشافه من طرف ورشة أشغال الطريق السيار قبل عشر سنوات.
وقد تم تجديد عقد الاتفاقية مؤخرا مع الشريك الايطالي لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد، حيث أكد رئيس فرقة البحث الدكتور كمال مداد أستاذ البحث بالمركز الوطني للبحث في علم الآثار بأن الهدف من مشروع إعداد الخارطة الأثرية يكمن في تحديد معالم الشواهد التاريخية ميدانيا لتسهيل إنجاز المشاريع التنموية ومساعدة الباحثين على القيام بالدراسات الأثرية بعد المسح الأثري لكل المناطق انطلاقا من ولاية الطارف لتشمل باقي ولايات شرق البلاد وفق ورقة عمل ممنهجة.
وقال الباحث في علم الآثار بأن الباحثين مندهشون من كثرة المعالم الأثرية وتعدد المواقع التاريخية بولاية الطارف مشيرا إلى توثيق ما يزيد عن 383 معلما أثريا وموقعا تاريخيا يعود أغلبها إلى عصور ما قبل التاريخ وتؤكد قيام حضارات قديما اعتمدت بشكل كبير على استغلال الثروة الطبيعية التي ساهمت في استقرار الأفراد والجماعات وعملهم بالزراعة نظرا لتوفر مصادر الماء واستغلال وتحويل الإنتاج الزراعي خاصة الزيتون حيث تم إحصاء 580 معصرة زيتون تقليدية بالمنطقة ، بالإضافة إلى الاعتماد على المرافئ الطبيعية لتصدير زيت الزيتون انطلاقا من حصن جنوا بكاب سقلاب والقالة القديمة عن طريق البحر وهو ما يرجح أيضا استغلال المرجان منذ الفترة الرومانية وفترة الأغالبة بخليج القالة، كما صرح رئيس فرقة البحث الدكتور كمال مداد بأن عملية المسح الأثري ستشمل قاع البحر بحيث ستستعمل لأول مرة في الجزائر طريقة المسح الأثري تحت الماء.
وقد تم تسخير أحدث الوسائل والتقنيات للقيام بمهمة البحث الأثري والحفريات على مستوى المعالم الأثرية والمواقع التاريخية بولاية الطارف فإلى جانب الغوص المائي الذي سيستخدم لأول مرة في الجزائر للكشف عن مكنونات ميناء القالة القديمة ومرفأ سقلاب يعتمد فريق البحث نظام المعلومات الجغرافي SIG للتحديد الدقيق لإحداثيات هذه المواقع والمعالم عن طريق الأقمار الاصطناعية وآلة المسح المتطورة والطوبوغرافيا الرقمية.
وبالموازاة مع كل ما تم ذكره تواصل مديرية الثقافة بولاية الطارف جرد جميع المعالم والمواقع التاريخية والتي بلغ عددها 400 موقعا خلال 2022 حيث تم تصنيف موقعين وطنيين وهما الكنيسة والحصن الفرنسي بالقالة و11 موقعا ولائيا، على أن تضيف الخارطة الأثرية للشرق الجزائري بولاية الطارف قيمة تاريخية أخرى لعاصمة القاعدة الشرقية إبان ثورة التحرير وقيمة معنوية من أجل المحافظة على الهوية الوطنية.